Pages

Tuesday 26 February 2013

هل الرهان على صعود الصين والهند وروسيا في عالم الأعمال رهان ناجح؟

 
منذ أن بدأت الثورة الصناعية في أوروبا الغربية والولايات المتحدة في بدايات القرن الماضي, مرت الصناعات الأوروبية الغربية والأمريكية في مراحل عديدة تناغمت مع التغير الذاتي الإيجابي لأفراد ومجتمعات تلك الدول خاصة فيما بعد الحرب العالمية الثانية فظهر الإبداع والتألق والمرونة في الأعمال وبلغت الصناعات الأوروبية الغربية تحديداً والأمريكية الشمالية ذروتها في الكفاءة والإنتاج في الستينات والسبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.ولكن بعد ظهور أسواق الإنتاج في دول شرق آسيا ونتيجة لرخص الإنتاج توجهت الشركات الأوروبية والأمريكية الكبري إلى تلك الأسواق لإنتاج سلعها وخدماتها بتكلفة أرخص بكثير من إنتاجها في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية.
كانت خطة تلك الشركات هي أولاً نقل أسرار ومبادئ علم إدارة الكفاءة
Total Quality Management TQM
   إلي أسواق ومصانع تلك الدول وتدريب الكفاءات على إنتاج سلع وخدمات مطابقة تماماً لتلك التي كانت تُنتَج في أوروبا و أمريكا. أدى هذا النقل والتحول في الصناعة والإنتاج إلى أن الكثير من هذه الشركات الكبرى أصبح لديها جشع نجم عن قدرتها على إنتاج سلعها بعُشر القيمة في مصانع آسيا وبيعها بنفس السعر تقريباً الذي كانت تجنيه عندما كانت تُنتِج بضائعها في مصانع بلدانها في أوروبا الغربية وأمريكا معتمدة بذلك على قوة ماركاتها وعلاماتها التجارية والتسويق الذكي وكذلك القوة الشرائية للمستهلك في الدول الغربية الامر الذي أدى تدريجيا إلى ارتفاع معدلات البطالة في الدول الغربية.
جشع تلك الشركات أدى بشكل حتمي إلي بداية انهيار الاقتصاد والأسواق التي بدأت بوادره بالظهور في عام 2007, ولكن هناك سبب آخر أدى إلى هذا الانهيار وهو توجه تلك الأموال, منذ بداية الانتقال الصناعي إلى آسيا,توجهها إلى أيادي وجيوب "فاسدة بالوراثة" في آسيا حيث لا قيمة ولا احترام للإنسان ولإبداعاته في تلك الدول, كما هو الحال أيضاً في دول أوروبا الشرقية ودول آسيا والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية والوسطى وأفريقيا.
فالفساد متأصّل في دماء أفراد ومجتمعات تلك الدول وهذا السبب الأخير هو ما لم تدركه بشكل واضح الكثير من الشركات الغربية التي راهنت حكومات دولها في التسعينات على محاولة إصلاح أسواق ومؤسسات دول أوروبا الشرقية , التي نخرها الفساد فحاولت ضمها للأسواق والدول الغربية , وهذه المحاولة أيضاً بدأت تُظهر بوادر فشل أصبحت تهدد الإتحاد بأكمله .
تقدم وازدهار الدول يبدأ من الفرد نفسه الذي هو جزء من المجتمع والحكومة أيضاً, فإذا مُنح الفرد ونشأ في أحضان الحرية والاحترام والتقديروالعدل والمساواة وعمل بها هو أولاً واحترمها وقدّرها ونشرها بين أفراد مجتمعه, نجحت الدولة وتقدم اقتصادها و مجتمعها وأصبح محط إعجاب وقدوة للمجتمعات والدول الأخرى.
سوف يأخذ الاقتصاد الأمريكي واقتصاد الدول الغربية بعض الوقت للتعافي, ربما بضع سنوات, لأن الفرد لا زال قادر علي الإبداع فهو حر طليق وكرامته وحقوقه مصانة إذا ما قورن بالمواطن من الدول التي تبدو وكأنها تتقدم اقتصادياً وتنمو بسرعة كالصين والهند وروسيا , فهذه الدول سوف تحتاج إلى تغيير جيل كامل وجعله يتبنى الصدق والحرية والمساواة والنظام ويؤمن بالعمل المُتقن كي تستطيع تلك الدول أن تُضاهي فعلياً الدول الغربية و تكسب ثقة شعوب العالم و المستثمرين
فالأسئلة التي يجب طرحها هي : ما هي قيمة الإنسان صانع الاقتصاد في تلك الدول؟ هل نشأ هذا الإنسان وتربى على الحرية والاحترام والمساواة والصدق داخل مجتمعه ودولته؟ هل يتساوى الإنسان أو المواطن العادى والمقيم  في حقوقه وواجباته مع أبناء الوزير والمدير والرئيس في تلك الدولة ؟ هل قوانين تلك الدول تحترِم المواطنين وتساوي بينهم وتحترم حقوق الإنسان أولاً؟ هل يحترِم الإنسان ويُقدر قيمة الوقت والمواعيد ويلتزم بها في تلك الدول؟ هل يصدُق الفرد في أقواله و افعاله في تلك الدول؟